في الوقت الذي ينتظر فيه سكان وزوار منتجع سيدي بوزيد تحرير الملك العمومي من أنياب المقاهي والمطاعم التي بسطت سيطرتها على الأرصفة والمساحات الخضراء، تطفو على السطح ظاهرة أكثر خطورة: محلات لبيع الخمور لا تحترم التوقيت القانوني المعمول به، وتعمل خارج الضوابط التنظيمية.
من يتجول ليلا على كورنيش سيدي بوزيد، لن تفوته ملاحظة أضواء الحانات والمقاهي المخصصة لتقديم الكحول، وهي تواصل نشاطها لما بعد منتصف الليل، ضاربة بعرض الحائط القوانين التي تحدد مواعيد بيع واستهلاك الكحول في الفضاءات العامة، في تلك اللحظات، تختلط أنغام الموسيقى المرتفعة بصراخ بعض الزبائن، وتتحول بعض الزوايا إلى بؤر للشغب أو التحرش أو تعاطي مواد أخرى.
هذا الواقع لا يمكن فصله عن التجاوزات الأخرى التي تعيشها المنطقة، وعلى رأسها احتلال الملك العمومي، فالعديد من هذه المحلات لا تكتفي بخرق التوقيت القانوني، بل تتوسع خارج حدودها المرخص بها، فتمتد طاولاتها إلى الأرصفة، وتغزو المساحات الخضراء، ضاربة بعرض الحائط تصاميم التهيئة والتعمير.
وأمام هذا الوضع، يشعر المواطن بأنه مجرد متفرج في مشهد عبثي، حيث يتحول الملك العمومي إلى ملك خاص، وحيث يُخرق القانون أمام أعين الجميع دون تدخل حازم من الجهات المعنية.
عدد من السكان المحليين عبّروا لموقع “ومضة نيوز” عن استيائهم من هذه الفوضى، مشيرين إلى أنهم تقدموا مرارا بشكايات للسلطات المحلية، دون أن يلمسوا تدخلا فعليا يضع حدا لهذا الانفلات.
“نحن لا نعارض الاستثمار أو السياحة، لكننا نطالب بالاحترام: احترام القانون، وراحة السكان، وكرامة الفضاء العام”، تقول إحدى السيدات.
بين المقاهي التي تستولي على الأرصفة، والمحلات التي تسوّق السكر في ساعات غير قانونية، يتآكل وجه سيدي بوزيد كمجال سياحي يفترض فيه الجاذبية، النظام، والجمالية.
وإذا كانت السلطات قد تحركت في مناسبات محدودة لتحرير بعض المساحات، فإن التحرير الحقيقي لن يتحقق إلا عندما تُفعل المراقبة بشكل مستمر، وتُربط المسؤولية بالمحاسبة، ويستعيد المواطن صوته من فوضى المصالح الخاصة.