مع بداية كل عام دراسي، تجد العديد من الأسر المغربية نفسها أمام تحديات مالية جديدة تتعلق بتكاليف الكتب المدرسية واللوازم الدراسية، وتفاقمت هذه التحديات هذه السنة مع الارتفاع الملحوظ في أسعار الكتب المدرسية، مما دفع البرلمانية فدوى محسن الحياني من الفريق الحركي إلى طرح سؤال كتابي إلى وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي حول الإجراءات المتخذة للسيطرة على هذا الوضع…
ارتفاع الأسعار: أرقام ومعطيات
تشير تقارير ميدانية إلى أن أسعار الكتب المدرسية في المغرب شهدت ارتفاعاً يصل إلى 25% في بعض الحالات مقارنة بالعام الماضي، ويأتي هذا الارتفاع في سياق غلاء المعيشة وارتفاع أثمنة المواد الأساسية والمحروقات، مما يثقل كاهل الأسر المغربية.
حيث يرجع بعض المهتمين والخبراء، أسباب ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بما في ذلك أسعار الورق والطباعة، بالإضافة إلى الرسوم والضرائب التي تُفرض على هذه المواد، مما يزيد من الأعباء على المستهلك.
البرلمانية محسن تُسائل والعلوي تبرر
في مراسلتها الكتابية، استفسرت البرلمانية فدوى محسن الحياني عن التدابير التي تعتزم الحكومة اتخاذها لمواجهة ارتفاع أسعار الكتب المدرسية، وفي ردها، أشارت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، إلى أن الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات العامة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار، مثل دعم المواد الأساسية كغاز البوتان والدقيق ودعم قطاع النقل، كما أكدت الوزيرة على استمرار الحكومة في تقديم الدعم المباشر للأسر عبر صندوق المقاصة لتحسين القدرة الشرائية وضمان استقرار الأسعار.
شهادات من الواقع
خلال جولتنا الميدانية، التقينا مع عدد من الأسر التي تعاني من ارتفاع تكاليف الدراسة، السيدة حنان من الدارالبيضاء، وهي أم لطفلين، أوضحت: “كل سنة الأسعار ترتفع، لكن هذه السنة هي الأصعب، فالكتب المدرسية أصبحت عبئاً حقيقياً علينا، خاصة مع زيادة أسعار المواد الغذائية والكهرباء، وأضافت السيدة حنان، أن دخل زوجها كعامل يومي لم يعد يكفي لتغطية احتياجات الأسرة الأساسية، ناهيك عن تكاليف التعليم.
وفي تصريح مؤثر، قال السيد عادل من آسفي: “صراحة وضع صعب بالنسبة لنا، “الله يدير لينا شي تاويل ديال الخير”، لقد اضطررت إلى استخدام مالي بأكمله المخصص للنفقة هذا الشهر من أجل شراء الكتب لأبنائي، أنا اليوم لا أجد فلسا واحدا لإكمال الشهر، لا يمكن أن نستمر في العيش هكذا، لقد سحبوا الطبقة المتوسطة وأصبح الحديث فقط عن الأغنياء والفقراء، الدجاج 25 درهم، اللحوم أصبحنا نتمناها ولا نصل إليها، الخضر والفواكه حدث ولا حرج، “فين غادين بهاد الغلا”.
هذه الكلمات تعكس الواقع الصعب الذي تعيشه الكثير من الأسر المغربية، حيث يبدو أن الغلاء طال كل جوانب الحياة اليومية، من المواد الغذائية إلى التعليم، مما يفرض تحديات جديدة على الحياة الأسرية.
دعوات لإجراءات عاجلة ومستدامة
يدعو خبراء اقتصاديون إلى تبني سياسات فعالة للسيطرة على أسعار الكتب المدرسية، مشيرين إلى أن الحلول المؤقتة لا تكفي، حيث يقترح البعض تخفيف الضرائب على الكتب المدرسية أو تقديم دعم حكومي مباشر لتلاميذ الأسر ذات الدخل المحدود، لضمان حق الجميع في التعليم.
ويرى المحللون أن هناك حاجة ملحة لإصلاحات هيكلية في النظام الاقتصادي تشمل تعزيز الإنتاج المحلي وتخفيض التكاليف المرتبطة بالتعليم، مما سيساهم في خلق توازن بين تكاليف المعيشة والقدرة الشرائية للمواطنين.
حلول جذرية أو استمرار المعاناة؟
هل ستكون الإجراءات الحكومية كافية لاحتواء أزمة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الكتب المدرسية؟ الأسر المغربية تتطلع إلى حلول جذرية ومستدامة تضمن لهم القدرة على توفير التعليم لأبنائهم دون الوقوع في أزمات مالية متكررة، ويبقى التحدي الآن هو في القدرة على إحداث تغييرات حقيقية تلبي تطلعات المواطنين وتخفف من وطأة الضغوط الاقتصادية اليومية عليهم.