في ظل الأزمة الحالية التي تشهدها شركات استيراد المنتجات التجميلية والصحية في المغرب، يبدو أن هناك حالة من الاستياء العميق بسبب سلسلة من العقبات والصعوبات التي تحول دون سير العمليات بسلاسة، ما يهدد بشكل مباشر استمرارية الأنشطة التجارية لهذه الشركات، حيث تعتبر عمليات التسجيل والتراخيص من أبرز التحديات التي تواجه هذه الشركات في وقت حساس.

الصعوبات التقنية والتأخيرات المتواصلة

وحسب مصادر موثوقة، تعاني الشركات المستوردة من صعوبة حجز المواعيد عبر المنصة الإلكترونية المخصصة لتسجيل منتجاتها، ومع الضغط الكبير على النظام، تصبح عملية الحصول على مواعيد لتقديم ملفات التسجيل مهمة شبه مستحيلة، مما يؤدي إلى تأخير مستمر في سير العمليات.

وكان النظام المعتمد سابقا يسمح بتخصيص يومي الإثنين والثلاثاء للشركات التي لديها أقل من 10 ملفات، بينما يتم تخصيص يوم الجمعة للشركات التي تتجاوز 10 ملفات، إلا أن التوزيع الحالي أدى إلى اختناقات إضافية في النظام وزيادة التأخيرات في عمليات التسجيل.

بطء تدقيق الوثائق ونقص الموارد البشرية

إلى جانب الصعوبات التقنية، تُعتبر عملية تدقيق الوثائق من أكبر المشاكل التي تعرقل سير العمل، حيث يضطر الموظفون المكلفون بمراجعة الملفات إلى وقت طويل للتحقق من صحة الوثائق، مما يزيد من التأخير في إتمام عملية التسجيل، وتفاقم هذه المشكلة بشكل أكبر بسبب نقص الموارد البشرية المتخصصة، ما جعل طلبات الشركات تتراكم وتستمر في التأخير، الأمر الذي يعرقل بشكل كبير سير العمليات.

التغييرات الإدارية والخلل التقني في النظام

تأثير آخر لهذه الإشكاليات يتعلق بالغياب التام للتواصل حول التغييرات الإدارية، إذ تم تغيير اسم “مديرية الأدوية والصيدلة” إلى “الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية”، دون أن يتم إعلام الشركات بذلك بشكل رسمي، مما تسبب في حالة من الارتباك لدى العديد منها، كما لم يتم توضيح كيفية تأثير هذا التغيير على إجراءات الاستيراد، مما جعل الشركات التي كانت قد سجلت منتجاتها في وقت سابق في حالة من عدم اليقين بشأن كيفية استكمال الإجراءات.

وفي سياق متصل، كان النظام الإلكتروني للمديرية قد تعرض لخلل تقني في نهاية عام 2021 وبداية عام 2022، مما أدى إلى فقدان بيانات العديد من المنتجات المسجلة.

هذا الخلل أدى إلى عرقلة قدرة الإدارة على منح التراخيص القانونية، مما أدى إلى تعطيل عمليات الاستيراد والتوزيع. ورغم تمديد شهادات الاستيراد السابقة كإجراء مؤقت للتخفيف من حدة المشكلة، إلا أن هذه الخطوة لم تحل جوهر الإشكال، بل زادت من التأخير في الإجراءات.

إعادة التسجيل وارتفاع التكاليف

أبرزت مصادر “ومضة نيوز” أن الإدارة الجديدة، بعد تغيير إدارة المديرية، استمرت في تطبيق سياسة رفض منح شهادات تسجيل المنتجات التي تم تسجيلها في عامي 2021 و2022، مبررة ذلك بضرورة إعادة تسجيل هذه المنتجات من جديد، رغم أن القانون ينص على أن شهادات التسجيل سارية لمدة خمس سنوات، هذا القرار أحدث اضطرابا كبيرا في العمليات، حيث اضطرت الشركات إلى إعادة القيام بجميع إجراءات التسجيل، ما زاد من التكاليف وأدى إلى تأخير إضافي.

التأثيرات الاقتصادية والتجارية

تراكمت المنتجات في الموانئ بسبب التأخير في الحصول على شهادات الاستيراد، ما أدى إلى تكاليف إضافية نتيجة للتخزين الطويل، بل وأدى أحيانا إلى تلف بعض المنتجات الحساسة، كما أن التأخير في منح التراخيص القانونية جعل الشركات غير قادرة على تلبية احتياجات السوق في الوقت المحدد، مما أثر سلبا على علاقاتها التجارية مع الموردين الدوليين والمحليين، إلى جانب غياب الوضوح في الإجراءات الإدارية الذي أدى كذلك إلى حالة من الارتباك والقلق لدى الشركات، مما زاد من عدم اليقين في القطاع.

مطالب الشركات المتضررة

في هذا السياق، وحسب المصادر نفسها فإن الشركات المعنية تطالب بضرورة الاعتراف بشهادات تسجيل المنتجات التي تم منحها في 2021 و2022 وفقا للقوانين المعمول بها، وعدم إجبار الشركات على إعادة التسجيل دون مبرر قانوني، كما تشدد على ضرورة إصلاح المنظومة التقنية للإدارة، وتعزيز نظم الحفظ والرقمنة لضمان عدم تكرار فقدان بيانات المنتجات المسجلة.

إضافة إلى ذلك، هناك دعوات إلى تعزيز الشفافية الإدارية من خلال نشر البلاغات الرسمية حول أي تغييرات إدارية قد تؤثر على إجراءات استيراد وتوزيع المنتجات، كما يطالبون بتسريع إجراءات منح التراخيص، مع زيادة عدد الموظفين المكلفين بمعالجة الملفات لتقليص التأخيرات التي تعيق النشاط الاقتصادي.

إن التحديات التي تواجه شركات استيراد المنتجات التجميلية والصحية في المغرب بحاجة إلى حلول جذرية، من خلال إصلاح النظام الإلكتروني، وتحسين التواصل مع الشركات، وتيسير إجراءات التسجيل والتراخيص، للمساهمة في تحقيق توازن بين متطلبات التنظيم الإداري وضمان توفير منتجات تجميلية وصحية للمستهلكين بشكل مستمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!