المجتمع المدني يطلق تحذيرات ويطالب بحماية هذه الرئة الطبيعية من الاندثار
غابة الحوزية، التي تعد واحدة من أهم المساحات الخضراء في مدينة الجديدة، تمر اليوم بمرحلة حرجة من التدهور البيئي، حيث يتهددها خطر الاندثار نتيجة للنشاط الإنساني المستمر. هذه الغابة التي زرعها الاستعمار الفرنسي في أربعينات القرن الماضي، أصبحت الآن مهددة بالنفايات التراكمية والتدمير الناتج عن البناء العشوائي والأنشطة الصناعية.
وتُعد هذه الغابة من أكبر المساحات الخضراء في المنطقة، إذ تمتد على مساحة 1073 هكتارا بين مدينتي الجديدة وآزمور، كما تعد بمثابة “رئة المدينة” لتنقية الهواء، فضلا عن كونها متنفسًا رياضيا وسياحيا للعديد من سكان المنطقة.
المخلفات البلاستيكية والتلوث: دليل على الإهمال البيئي
في خطوة تحذيرية ضد التدهور المستمر لهذه الغابة، نظمت فيدرالية جمعيات الأحياء السكنية وفرع الجديدة لفيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب، بدعم من جماعة الحوزية، يوم السبت 30 نونبر 2024، صبيحة بيئية بغابة الحوزية، الغاية منها، دق ناقوس الخطر وتحسيس الساكنة والمسؤولين بخطورة الوضع البيئي بالغابة.
وتمكن المتطوعون خلال هذا النشاط من جمع عدد كبير من الأكياس البلاستيكية والقنينات التي كانت قد ألقيت بشكل عشوائي في مساحات مختلفة من الغابة، وهو ما يكشف عن الإهمال الكبير الذي تعاني منه هذه المنطقة، “إنه لأمر محزن أن نرى غابة بهذا الجمال الطبيعي تتحول إلى مكب نفايات، رغم كونها مكانا هاما للراحة والاستجمام”، يقول أحد المشاركين في هذا النشاط البيئي”.
الأنشطة البشرية والتمدد العمراني أسباب التدهور البيئي لغابة الحوزية
المخلفات البلاستيكية ليست المشكلة الوحيدة التي تهدد غابة الحوزية، ففي السنوات الأخيرة بدأ تراجع التنوع البيولوجي في الغابة بشكل ملحوظ، إذ اختفت العديد من الحيوانات البرية والنادرة مثل الأرنب البري والقنفذ، كما أن عملية قطع الأشجار أصبحت أكثر تواترا، بما في ذلك عمليات “الاجتثاث” التي طالت مساحات واسعة من الغابة من أجل إقامة مشروعات سياحية وعمرانية، مثل ملعب الجولف والمنتجع السياحي “مزغان”.
وقد تسببت هذه المشاريع في تقليص مساحة الغابة بشكل كبير، كما أضحت الطرق المعبدة التي تمر عبرها عرضة للضجيج والتلوث، مما أثر على حياة الحيوانات التي كانت تعيش في هذا الفضاء، حيث يُحمل المجتمع المدني المسؤولية لبعض المحلات التجارية والمقاهي في المنطقة، التي تقوم بإلقاء المخلفات داخل الغابة، مما يجعلها تتحول تدريجيا إلى مكب للنفايات.
تحذيرات من استمرارية التدهور
في حديثه عن التدهور الذي تشهده الغابة، يقول كريم نهامي رئيس فيدرالية جمعيات الأحياء السكنية بالجديدة: “إن غابة الحوزية تشهد موتًا بطيئًا، ويمكن أن تنقرض إذا استمر الوضع على ما هو عليه”. وقد لوحظ أن بعض الأشجار التي لا تزال قائمة بدأت تموت تدريجيًا، حيث تتساقط أوراقها وتجف أغصانها، في حين تظهر علامات الغرابة على بعض الأشجار التي تكاد تبدو كأنها تعرضت لحريق مروع”.
وأضاف نهامي: “نحن نعيش اليوم مع الخوف من اختفاء هذه الغابة الجميلة، التي تُعد جزءًا أساسيًا من هويتنا البيئية. لكن للأسف، لا نجد حتى الآن أي استجابة فعالة من الجهات المسؤولة لمعالجة هذا التدهور المستمر”.
مطالب بحماية الغابة وإيقاف التدهور
تستمر التحذيرات من المجتمع المدني، حيث يدعو المتطوعون والمسؤولون المحليون إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذ غابة الحوزية، ومن بين هذه المطالب، ضرورة إعداد دراسة علمية شاملة لتحديد أسباب تدهورها واتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ عليها، بالإضافة إلى إيقاف عملية اجتثاث الأشجار والحد من مشاريع البناء التي تؤثر سلبا على البيئة.
كما طالب المشاركون في النشاط البيئي بـ وضع نظام حراسة فعال للغابة، وتنظيفها بشكل دوري من النفايات والأشجار المتساقطة، داعين إلى فرض غرامات على المخالفين الذين يتسببون في تلوث الغابة بالقمامة. كما اعتبروا أن على المجتمع المدني، سواء في مدينة الجديدة أو آزمور، أن يكون أكثر وعيا بأهمية الحفاظ على هذه الغابة، وذلك من خلال تنظيم حملات توعية وحملات تنظيف.
حماية غابة الحوزية أولوية ملحة
إن غابة الحوزية هي أكثر من مجرد مساحة خضراء، إنها تراث طبيعي يجب الحفاظ عليه للأجيال القادمة، ولكن مع استمرار التعديات عليها، سواء من خلال المشاريع العمرانية أو التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية، فإن وضع هذه الغابة أصبح في غاية الخطورة، لذا، فإن الأمر يتطلب تضافر الجهود بين السلطات المحلية، المجتمع المدني، والجهات البيئية المختصة لحمايتها وضمان استدامتها.
غابة الحوزية، التي غرسها الاستعمار الفرنسي في أربعينات القرن الماضي، يجب أن تبقى جزءا حيويا من مدينة الجديدة، وذلك بتطبيق إجراءات عاجلة وحاسمة قبل أن تندثر بشكل نهائي.