تستمر الحكومة في ممارسة حكامتها الضيقة بما يتماشى ومستوى كفاءاتها، وتستمر معها النقابات المركزية في ممارسة صلابتها الرطبة بما يتماشى ومستوى رعونتها، في إطار تجاهل ممنهج وضرب لحق من حقوق المتقاعدين والمتقاعدات المغاربة في العيش الكريم.

تعددت الحوارات الإجتماعية، وطالت الإنتظارات المتكررة، وغيبت فئات المتقاعدين والمتقاعدات عن طاولة المفاوضات، وكثرت الأسئلة والتساؤلات عمن يدافع عن هذه الفئة المجتمعية، لسبب بسيط هو أنها لم تعد تنتمي للتقطيع المجتمعي في هذه البلاد السعيدة، فئة عانت الأمرين حين درست ونالت الشهادات، وأصبحت تنتمي للطبقة النشيطة الباحثة عن العمل، وتكبدت المر والحلو حين اندمجت في الطبقة النشيطة الشغيلة، وساهمت بالغالي والنفيس لترفع مردودية دخل سنوي عام، بل غذت صناديق التقاعد والتضامن لعشرات السنين، ومعها مؤسسات دولة بمذخرات مالية قابلة للإستثمار، وهي الآن تنتقل إلى قطاع لا محل له من الإعراب داخل المنظومة المجتمعية المغربية، هي فقط تبحث عن موقع يضمن لها الكرامة والعيش في أريحية واسترداد حقوقها من صناديق، قيل عنها أنها اجتماعية تضامنية، وتبين أنها علب مثقوبة استفاد منها من لا علاقة لهم بالمساهمات الشهرية المقتطعة لسنين.

ألا يعلم أصحاب القرار حكومة ونقابات، أن المتقاعد في بلدان العالم يكرم ويقف له العادي والبادي إجلالا واحتراما؟ ألا تعلم حكومة الكفاءات أن المتقاعد، في بلدان العالم التي تعرف معنى الإعتراف، يستفيد من منح الشيخوخة وتعويضات إستثنائية؟

أتنكر النقابات المتكاسلة أن المتقاعد في أغلب دول المعمور يخضع لسلم الزيادات، شأنه شأن الموظف النشيط؟ ألا تستحيي الحكومة بمباركة النقابات من اعتبار المتقاعد مصدرا للإقتطاع الضريبي على الدخل؟ وحتى إن كان الأمر كذلك، فهل من المعقول أن تقتطع ضريبة من متقاعد يسترجع فقط راتبه من اقتطاع راتبه القديم الذي إدّخره لسنوات؟ والمنطق يحتم أن يتم استخلاص الضريبة إذا كان المتقاعد يحصل على رواتب مقابل عمل لازال يقوم به! نقول للحكومة والنقابات أن ملف التقاعد الموضوع فوق طاولة المفاوضات، يجبر الطرفان على إنصاف هذه الطبقة، وكفاها من التماطل في التفاعل الإيجابي مع هذا الملف، الذي ربما سيصبح شائكا إذا أحيط بالتسويف.

نقول للحكومة والنقابات أنهما مجبرتان اليوم على الإنكباب على إعادة النظر في الرواتب المجمدة والسلم الضريبي، عوض التركيز على الزيادة في سن الإحالة على التقاعد، لأنه وبحساب سهل وبسيط فقاعدة هذه الفئة ستنمو بوتيرة سريعة خلال السنوات القادمة، والضغط على الحكومات القادمة سيزداد بسرعة ويصبح المشكل إشكالية، و”اللي دارها بيديه يفكها بسنّيه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!