“والله العظيم إيلا كون غير لغاو العيد هاد العام، الثمن خيالي والدرويش ما بقاش قادر يعيش” كان هذا جواب عبدالله (موظف بالقطاع الخاص)، حين سألته عن عيد الأضحى هذا العام، وسبب ارتفاع الحناجر المطالبة بإلغاء العيد هذه السنة.
سؤالنا لعبدالله جاء من منطلق انتشار “هاشتاغ” يطالب من خلاله عدد من المغاربة، بإلغاء هذه الشعيرة، بسبب الأزمة الاقتصادية وتدني القدرة الشرائية لهم.واستطرد عبدالله قائلا بعد هنيهة من الصمت والتفكير: ” إلغاء عيد الأضحى هذا العام، أصبح يفرض نفسه بقوة، ليس بسبب عدم القدرة على شراء أضحية العيد، بل تخيل الوليدات الصغار اللي مغاديش يقدرو يوفرو ليهم واليدهم “الحولي” هاد العام ويشوفو أقرانهم من أبناء الجيران وهم فرحون بكبش العيد؟” إنه لأمر مؤسف حقا…!!
من جهته أكد صديق عبدالله ويدعى محمد: “شفتي إيلا تم إلغاء عيد الأضحى هاد العام، راه مكاينش لي غادي يسولك علاش مذبحتيش…”، ويسود ترقب في أوساط المغاربة هذه السنة بسبب ارتفاع ثمن الأكباش، ورغم التطمينات التي خرجت بها الحكومة المغربية بتأكيدها على وجود ثلاثة ملايين رأس للنحر، فإن الأثمنة تبقى مرتفعة جدا مقارنة بالسنة الماضية، مما يقتضي من الحكومة تحديد الثمن في الأسواق خصوصا مع مبادرتها بتقديم الدعم للفلاحين الموردين من خلال تخصيص مبلغ 500 درهم للرأس مع رفع الرسوم الجمركية عن استيراد الأكباش المستوردة للنحر وكذا الضريبة عن القيمة المضافة.
تحديد الأسعار ومراقبة الأسواق هو الطرح الذي ذهبت فيه، نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، إذ ترى أن الدولة عليها تحديد الأسعار بما يتناسب مع دخل غالبية الشعب، حيث يفوق ثمن الخروف الواحد دخل الموظف لشهر كامل.
وذهبت منيب في تصريح مصور لها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أكدت من خلاله أن الدولة عليها أن تنظر في أمر الفقراء وتوزع عليهم الأضاحي بدلا من المجهودات الشعبية أو دفعهم للاقتراض، كما أضافت أن هذه الفئة أهم من البرلمانيين الذين توزع عليهم الأضاحي ضمن امتيازات مقاعدهم في البرلمان.
وتأتي مطالب عموم المغاربة بإلغاء عيد الأضحى هذا العام نتيجة الارتفاع الصاروخي لسعر الأكباش، كما أن المغرب سبق وأن شهد إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى ثلاث مرات في عهد المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله، سنوات 63-81 و 96.
ويرى باحثون ومحللون اقتصاديون مغاربة، أن المبررات المطروحة حاليا تبقى غير كافية لإلغاء عيد الأضحى هذه السنة، كما يرون أن الوضع الاقتصادي للمغاربة تدهور منذ جائحة كورونا سنة 2020، وبالتحديد في صفوف الطبقة المتوسطة والفقيرة، مما ساهم في ضعف قدرتهم الشرائية لاسيما في هذه المناسبات كرمضان وعيد الأضحى التي تتطلب مصاريف أكبر.
رجال الدين بدورهم كان لهم رأي في ارتفاع الأصوات المطالبة بإلغاء عيد الأضحى حيث صرح مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، أن الأضحية لها طبيعة دينية يجب التعامل معها كجميع القضايا التي لها طابع ديني، وهذا الموضوع يرجع إلى العلماء والمؤسسات الشرعية، والحسم يتم بالنصوص الشرعية والأدلة القرآنية التي تجزم جزما قاطعا.
وأضاف بنحمزة بأن هذه المناسبة سنة مؤكدة لا يجوز الإجماع على إسقاطها، ما يعني أنه لا يجب أن تتفق أمة بكاملها على هذا الأمر، وهذا من الناحية الدينية، أما من الناحية الاجتماعية والاقتصادية فإن قرار الإلغاء يضر أيضا بالفلاحين الذين يعملون على تربية المواشي، وهذا لا يمكن القيام به مراعاة لهذه الفئة.
وأمام مطالب بعض المغاربة بإلغاء عيد الأضحى، بسبب تخوفهم من الدخول في دوامة الأعباء المالية، ولجوء آخرين منهم إلى الاقتراض، ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمحروقات، وغيرها من الظروف الاقتصادية التي تجعل مثلا اقتناء أضحية عيد يتراوح ثمنها حاليا بين 3 و 4 آلاف درهم أمرا بعيد المنال لفئة عريضة سيثقل ميزانية الأسر لا محالة، مما بات يفرض على الحكومة المغربية التدخل بحزم وجدية لضبط الأسعار ومراقبة الأثمنة حتى تكون فرحة العيد عامة وليست منحصرة على فئات دون أخرى. فهل سنرى لجان جادة ستعمل على جعل فرحة العيد تدخل بيوت جميع المغاربة؟ أم أن قاعدة كم من الأمور قضيناها بتركها ستبقى هي الطاغية؟