تباشير الصيف المناخية بدأت تلامس الأجسام، إيذانا بقرب الموعد، أسابيع معدودة على رؤوس الأصابع وتبدأ قوافل الهاربين من حر الداخل تتوالى اتباعا نحو مدينة الجديدة بحثا عن الاستجمام والراحة من عناء سنة عمل مضنية، أيام قليلة وتشهر المدينة لافتات الترحيب بشعارات توحي أنها أجمل مكان في المغرب، وأروع مصطاف على ساحلي الأبيض المتوسط والأطلسي، وأنها رقم صعب في معادلة السياحة الوطنية.
لكن الواقع لا يبين بالملموس تلك الصورة الخادعة التي يحلم بها المرتادون، ولا يعكس حاليا أي دلالات الاستقبال اللائق بزوار مدينة موشومة في ذاكرة المغرب بطابعها التاريخي والسياحي، وموروثها الثقافي الأصيل.
فبأي حال تسارع يا صيف الخطى؟ تمهل فالتأخر في الوصول خير، لأن الجديدة لا زالت تفرك أعينها من نوم ثقيل أرخى سدوله على مسؤولي الجماعة ولازالوا يغطون في انتظار العثور على فانوس علي بابا لإعادة الابتسامة على محيا المهدومة والأمل في نفوس السكان.
تمهل يا صيف فالمحطة الطرقية لا زالت موصدة الأبواب ومفاتيحها لا يعلمها إلا الله، وعداد سيارات الأجرة الذي بإمكانه طمس بعض السلوكيات ومظاهر الانتهازية والابتزاز من طرف بعض الأرباب والسائقين لا زال يراوح تحركه بين مكاتب أصحاب القرار، وأسطول حافلات النقل الحضري لم يجدد بعد هياكله الصدئة والمهترئة.
تمهل ياصيف، فأصحاب مفاتيح الكراء ينتظرونك على أحر من الجمر، سواء عند مداخل المدينة أو أمام المحطة، فالعرض موجود، لأن فيك تتحرك الحركة وتطلب البركة، بفتح الشقق والغرف، وخيام الأسواق الأسبوعية في الأزقة والدروب : شوايات السردين، عربات الأكلات السريعة، طاولات الإفطار الصباحية والحريرة المسائية، فالملك العمومي ولله الحمد محترم، وعربات الخضر ودراجاتها الرباعية بصراخها المدوي وكان الأمر يتعلق بحلقات موسم مولاي عبدالله، فلا تسرع فالكل في انتظارك.
تمهل يا صيف، فالبلدية لم تعقد بعد اجتماعاتها للشروع في صباغة الممرات وإعداد التشوير اللازم، وتزيين المدينة بالأعلام الوطنية والملونة، ولم تشرع بعد في تسطير برامج التنشيط الصيفي والاذاعة الشاطئية، وفي تنظيم مواقف السيارات بتنسيق تام مع السادة أصحاب الجيليات الصفراء المالكين لشوارع المدينة أحب من أحب وكره من كره.
تمهل ياصيف فمراقبة محلات الأطعمة الجاهزة والمطاعم والعربات لم تتململ من مكانها لسد الأبواب عن اللحوم الفاسدة والذبائح السرية، والنظافة واحترام الأسعار، فلا داعي للقدوم بسرعة مفرطة، خاصة وبعض الطرقات المؤدية من وإلى الجديدة لا زالت تعرف بعض حوادث السير الخطيرة.
تمهل ياصيف فالأشغال قد ابتدات لردم الحفر وتزفيتها وإصلاح بعض الشوارع حتى لا تتاثر بعض المركبات بأعطاب.
تمهل ما استطعت، تحرك ببطء أقل من السلحفاة، فقد تصل قبل ان تدب الحركة في دهاليز البلدية ولحظتها قد تندم على المجيء أصلا.