مدينة الجديدة: الصيف والضباب والغبار

0

سقطت الجديدة من اسم جهة الدار البيضاء-سطات التي تنتمي إليها فاختفى أي ذكر للمدينة، عمالة الجديدة لم تعد الآن سوى إقليما ترابيا ينتمي إلى جهة كبرى، وطوال عام كامل لا يرد اسم الجديدة في عناوين «الأخبار» إلا مرتين بمناسبة تنظيم معرض الفرس وخلال بداية الصيف.

فماذا أعد أصحاب القرار لاستقبال الزوار والسياح خلال عطلة الصيف؟ لاشيء، وهو أمر عادي جدا ألفناه، ما الذي يحصل في هذه المدينة “المحݣورة”؟ هل سنقوم بإسقاط تهميشها، طيلة السنة، على فترة الصيف لتصدير هفواتنا للعالم الخارجي؟ وما آثار هذا الوضع على الإستجمام بها؟

بمجرد الوصول إلى وسط المدينة عبر الشوارع الرئيسية، تبدأ مظاهر الفوضى في البروز، الباعة المتجولون ينتشرون في كل أرجاء المدينة وأسواق محلاتها غير مرتبة، واحتلال الملك العمومي واضح جدا، وجل المحلات التجارية والمقاهي تسيطر على ممرات المارة والأرصفة، دون الحديث عن حال الطرق التي تزداد سوءا من وسط المدينة نحو الشوارع الأخرى، والحفر منتشرة في كل مكان، فما الصورة التي سنطبع في أعين السائح والزائر؟

الحي البرتغالي كمعلمة سياحية عالمية معترف بها من طرف «اليونسكو»، وداخل مدينة بينها ومدينة ميامي الأمريكية اتفاقية توأمة، ورغم ذلك وبمجرد الإتجاه صوب الشاطئ، تبدأ مشاهد لا يفترض وجودها في هذا المكان، مياه آسنة تنتشر بها، والأزبال متراكمة عند السور الذي يفصل الحي عن البحر، وأكوام أزبال مرمية في زوايا عديدة بالسور، فماذا يفترض أن نبيع للسائح والزائر؟ مدينة تائهة، ضائعة في الأزبال، شاردة في الفوضى، غارقة في الإهمال، ونتحسر على ما آلت وما ستؤول إليه حين غاب أبناء الجلدة عن تسيير مرافقها، فهل سيتحرك النائمون لإيقاظ همم مدينة مغضوب عليها؟ على الأقل لإضفاء صبغة سياحية، ولو مؤقتا، على هذه الجوهرة.

موسم الصيف بمدينة الجديدة هو مورد رزق للبعض، لكنه فوضى وسمسرة وابتزاز للبعض الآخر، كفانا سلوكيات يسكت عنها كل موسم، كفانا ابتزازا من أصحاب الطاكسيات وحراس السيارات والشواطئ، الجديدة محج للطبقات ذات الدخل المحدود، وضعف الطاقة الإيوائية وقلة الفنادق يجعل اقتسام مساكن الجديديين بسومة في متناول أصحاب الدخل الضعيف، وهذا مؤشر يفيد أن خللا ما حاصل على مستوى مؤسسات تدبر المدينة، ومراكز تدبيرها غاب عنها الحكماء وتكرست فيها علاقات ومصالح تحول دون اتخاذ إجراءات شاملة لتغيير الأوضاع بالمدينة.

صيف الجديدة لهذه السنة سيكون، لا محالة، كما في السنوات الماضية، وصمة عار على جبين مدبري الشأن المحلي لثلاثة أسباب بسيطة، أولاها هو أن لاشيء تغير بين الأمس واليوم، ثانيها هو غياب الكفاءات داخل المجلس المسير، وثالثها هو أنه حين يجتمع الكسل والمصلحة الخاصة وتغيب الرقابة فإن دار لقمان ستبقى على حالها، والأيام بيننا! فهل من مسير حكيم خارج عن التقصير والإفراط والتراخي، يتحدى أقلاما جفت عيونها من الدموع، وينفض عنه التكاسل والتقاعس والإستهتار ويأخذ قرارات صائبة، ويعيد لمدينة الإستجمام الحلة الصيفية لسبعينات وثمانينات القرن الماضي، ولن يجد منا إلا الشكر والإعتراف والإمتنان والتثمين، ولكم واسع النظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *