صيف الجديدة: بأية معايير يمكن للمدينة أن تحصل على رتبة متقدمة مع باقي مدن المملكة الساحلية؟

0

لا يختلف إثنان على أن مدينة الجديدة سائرة بخطوات حتيثة إلى الوراء، بل إن لم نقل تعاكس التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهنا لابد أن نستحضر خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي طالب من خلاله ربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث قال: “أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعرفون بأنه ليس له ضمير”.

“ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟ ألا يجدر أن تتم محاسبة أوإقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أوإخلال في النهوض بمهامه؟وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

أين نحن من تطبيق ما جاء في الخطاب الملكي السامي، واليوم يكاد يجزم الجميع أن ما تعيشه عاصمة دكالة لا يبشر بالخير، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك مسؤولين يستحقون المحاسبة والمساءلة، فإذا كان حال المدينة لا يسر عدوا ولا حبيبا خريفا، شتاء وربيعا، فكيف سيكون الحال صيفا؟ كيف سيدبر المسؤولون مرحلة الصيف مع الانقطاعات المتكررة للماء، دون حتى أن يتم تكليف الوكالة نفسها عناء إعلام المواطنين بالأحياء المعنية بهذه الانقطاعات؟

إن الجديدة اليوم لابد وأن تعرف رجة لمسؤوليها الذين يغردون خارج السرب، بلا برامج ولا مشاريع تنموية، بل حتى إن أبسط مطالب الساكنة أصبحت بعيدة المنال.

أين نحن من الجدية في التعامل مع الشباب كما ورد في خطاب جلالة الملك نصره الله بمناسبة الذكرى الـ24 لتربعه على عرش أسلافه المنعمين؟ أين مشاريع التنمية الحقيقية ليكون صيف الجديدة جميل كما عهدناه من قبل؟ كيف يمكن لمسؤولي المدينة مغادرة أسرة النوم لتقديم أوراش واعدة تمنح المدينة مكانتها السياحية والثقافية؟ بأي حال سيكون صيف الجديدة؟ وبأية معايير يمكن للمدينة أن تحصل على رتبة متقدمة مع شواطئ المملكة الأخرى؟ وكيف ستستعد السلطات الإدارية لضمان الأمن والسلامة ومراقبة جودة الأطعمة والمأكولات، والحد من جشع مستغلي فصل الصيف لرفع الأسعار والغش وأيضا محاربة ظاهرة الفساد والبغاء؟ أي برنامج تنشيطي وترفيهي ستستقبل به الجديدة زوارها وضيوفها لضمان استقطاب أكثر للمصطافين؟

هي أسئلة عديدة تتناسل في مخيلة كل جديدي غيور على مدينته، لكن المسؤولين وحدهم من يملكون فرصة الإجابة عنها سواء بالتشمير على السواعد من أجل مدينة أفضل مما هي عليه أو التقاعس والتواري إلى الوراء وترك المدينة تغرق في النفايات والأزبال.

لقد راكمت مدينة الجديدة نواقص كثيرة في مجالات استراتيجية عديدة منها، نقص في التجهيزات والمرافق الحيوية القريبة من حاجيات السكان، إضافة إلى الإكراهات المتعددة التي تواجه الاستثمار، وبالخصوص في مجال توفير المناخ الملائم، وتأهيل هياكل الاستقبال الاقتصادي، الشيء الذي أثر على الفعالية الاقتصادية للمدينة، وبالتالي أضعف من قوتها التنافسية، ناهيكم عن غياب استراتيجية للتدبير المعقلن لمرافقها من طرف المجالس المنتخبة المتعاقبة على تسييرها، بالإضافة إلى غياب الاهتمام بالتأهيل الاجتماعي والثقافي والسياحي، للمدينة.

لقد أصبحت الحاجة ملحة إلى ابتكار طرق جديدة للتدبير والتسيير تمنح مدينة الجديدة الجاذبية الكفيلة لضمان استقطاب زوار يبحثون عن الراحة والاستجمام خلال الصيف المقبل بدل البحث عن ملاذ أفضل في مدن تتوفر على مسؤولين يسايرون ركب التنمية ويحترمون من صوتوا عليهم ومنحوهم ثقتهم، ثقة تفرض على مسؤولي الشأن المحلي بالمدينة نهج أسلوب التخطيط المعقلن المستند إلى قاعدة الانصات لصوت العقل، والاستجابة لمطالب الساكنة، مع خلق آليات للتتبع والمراجعة، بدل لعب دور المتفرج كما هو الحال عليه حاليا حيث باتت مدينة الجديدة، أشبه بسوق أسبوعي أو دوار، مليئة بالحفر، متهالكة بنياتها التحتية، ومتراكمة أزبالها حتى في أهم نقاطها وشوارعها، بل حتى أمام مجلس الجماعة.

ولا أظن أننا نبالغ إن قمنا بوصفها بمثل هذا الوصف، فمن زار مدن المملكة المزدهرة (الرباط، طنجة، الدارالبيضاء…) سيتأكد حتما أن الجديدة أصبحت مثل دوار في جماعة قروية نائية، لا طير يطير بها ولا وحش يسير فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *