رغم المرض ورغم الآلام، قررت أن أكون في الموعد صباح اليوم السبت، إذ تجشمت عناء السفر من مسقط رأسي بآسفي، إلى حيث القلب والواجدان معلقا، لتلبية نداء الجديدة التي أرغمتني على مساندتها في محنتها جراء تدهور حالتها وبنياتها وجل مرافقها، وحيث الأزبال تكتسح كل الشوارع، والروائح الكريهة تزكم الأنوف.

فعلا، حضرت في الموعد المحدد من قبل التنسيقية المتبثقة عن اجتماع 27 مارس الماضي، وكم كانت دهشتي كبيرة وصدمتي شديدة ، وأنا أتابع حضور قلة قليلة من ساكنة هذه القلعة المازغانية، للثورة في وجه مجلس جماعي فاشل لم يحسن تدبير المدينة جيدا.

هنا توقفت مرغمة من هول الصدمة!!!!! فتساءلت في قرارة نفسي: أحقا أنا في مدينة الجديدة؟ أحقا هؤلاء فقط هم أبناؤها؟!! أهذه هي معقل، أبي شعيب الدكالي العلامة الكبير، وأول وزير مغربي، ومحمد أرسلان الجديدي، والشرايبي، وعفيفي، وبنسليمان، والقادري، وجطو، والخطيبي، والخطيب، والساهل، وشريفة مسكاوي، ونوال المتوكل، وفاطمة المرنيسي، وعائشة الدكالي، وسفيرة العيطة فاطنة بنت الحسين، وغيرهم من كتاب وخدام العرش؟ ثم سألت من حولي عن سبب غياب أبناء هذه المدينة الطاهرة عن هذه الوقفة للدفاع عن مدينتهم؟ فأجابني أحد أبنائها البررة: هؤلاء من تبقى من أبنائها والباقين غادروها وهجروها، لا تتفاجئي فهي كانت على علم بأنهم لن يحضروا للدفاع عنها، لأنها تعلم علم اليقين أن من خذلها وباعها بالأمس لا يمكن أن يدافع عنها اليوم.

فعلا، لقد كانت الوقفة الاحتجاجية محتشمة، لكن الحناجر صدحت فيها بقوة، وطالبت المسؤولين عن الشأن المحلي بإيجاد حلول مستعجلة لمدينة داخل غرفة العناية المركزة، نعم صدحت الحناجر ، وطالبت أيضا بالعمل والعمل، ثم العمل فالعمل، وإن لم يستطع هؤلاء المسؤولون من تحقيق ذلك فما عليهم سوى الاعتذار وترك الكرسي لمن هم أقدر على إنقاذ مدينة الجديدة، نعم كانت صرخة حق رغم قلة العدد في وجه المسؤولين، ومطالبتهم بالاستيقاظ من سباتهم، وعدم التقاعس لخدمة هذه المدينة.

غادرت مكان الوقفة الاحتجاجية أمام الجماعة الحضرية لمدينة الجديدة، وكل أملي أن تكون هذه الصرخة آخر الصرخات، وأن يشمر المسؤولون عن سواعدهم لإخراج مازغان من غرفة العناية المركزة إلى سابق عهدها ومجدها، وسحرها الذي سحرني في أول لقاء لي بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *