يوما بعد يوم نتأكد بالملموس أن للمغاربة أنفة وعزة وكرامة وكرم، الشعب المغربي قد يخسر كل شيء ويضحي بكل غال ونفيس إلا دينه وملكه ووطنه، صدق ابن خلدون، وهو يتحدث عن المغاربة، حين قال: “…ما يدل على رسوخ إيمانهم، وصحة معتقداتهم، ومتين ديانتهم، التي كانت ملاكا لعزهم، ومقادا إلى سلطانهم وملكهم”.
التضامن والتآزر والتراحم بعد فاجعة زلزال الحوز هو نموذج من نماذج كثيرة سمعنا عنها بل عشناها أكثر ما من مرة، تضامن المغاربة في فترات الجفاف وتآزر المواطنون في جائحة الوباء واليوم يتآخى المغاربة المواطنون الوطنيون الشرفاء في فاجعة زلزال الحوز.
دون قيد أو شرط، ورغم معاناتهم مع غلاء المعيشة ومتطلباتها اليومية، تجند الكل لجمع المؤن والمساعدات والتوجه في مسيرة دعم وتعاضد مع إخوانهم المنكوبين، هو عربون على أن المغاربة لا تقهرهم المحن ويؤمنون بالإبتلاء ويتقوون في الأزمات.
ابن خلدون لم يخطئ يوما حينما قال قولته الشهيرة ” مادمت في المغرب فلا تستغرب”، كيف يمكن أن نستغرب مادمنا في المغرب؟ وحتى ابن خلدون صاحب القولة لو عاش في عصرنا هذا لما تراجع عن قولته، ولكان قد كتب كتابا جعل عنوانه “مادمت في المغرب فلا تستغرب”.
ما نعيشه اليوم هو رد على كل من يشكك في قدرة المغرب على تدبير أزماته وبتلاحم الرسمي وغير الرسمي، هو جواب على أن الوطنية لا تباع ولا تشترى ولا تقايض، هو تأكيد على أن المواطنة لا تدرس في المدارس والجامعات بل تستنبط دروسا من الأزمات والمحن والإبتلاءات.
اليوم، حال لسان كل مواطن مغربي وطني وغيور تقول:
وطني دمائي أبذلها لأجلك رخيصة، وقلبي أقدمه فداءً لأرضك الطهور، وروحي تحلق تحرس سماءك كما تحلّق حرّة الصقور.
إن حب الوطن ليسَ إدعاء، حب الوطن عمل ثقيل، عندما تشرب من ماء الوطن وتغيب عنه، فسوف تعيش على أمل تذوق ھذه الماء مرة أخرى.
كل العالم يتذكر الاستراتيجية الوطنية لتدبير جائحة كورونا والتي مكنت المغرب من التموقع كرائد دولي في مواجهة الأزمة الصحية، وكل العالم سجل سخاء المغاربة وحبهم لوطنهم في كأس العالم، وحتى دبلوماسيا لا أحد ينكر أن المغاربة أقوياء في تدبير ملفات وطنهم بتلاحم الشعب والوطن والملك، ولا أحد يستطيع أن يفند أن المغرب مازال يعاني من ارتدادات هزة كورونا ومن انعكاسات غلاء المحروقات، ورغم ذلك فهو شعب صبور ويتحدى الصعاب، ولربما تكون هذه الفاجعة مرحلة من مراحل تقوية هذا الوطن الحبيب.
فقط، وجب على الدولة، كما أشار إليه الملك محمد السادس في خطابه الأخير يوم 30 يوليوز 2023 بمناسبة عيد العرش، التسلح ب”الجدية” للتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة بالمناطق المتضررة من “زلزال الحوز” مع تشجيع إعادة الحياة الاقتصادية والإيواء، والاحتياط من الكوارث الممكنة مستقبلا بمختلف جهات المملكة، يكون المغرب قد نجح بإذن الله في امتحان آخر وقوى مكانته وسط المنظومة الدولية.
