الحلقة الأولى: قطاع النقل
يقولون والعهدة على من يقول أن الجديدة مدينة في خط تصاعدي نحو مسارات التنمية، وأنها معقل سياحي وثلاثي وقطب اقتصادي وتجاري رائد، وأنها حصن رياضي يجعلها مؤهلة لتكون منارة عالية في سماء الكاف والمونديالات القادمة. هذا قولهم ورؤياهم، لكن هل الواقع الموثق يزكي ذلك الرأي، هل يجعلنا نصدق أن وعود عرقوب لن تبقى أكذوبة أبريل أو لن تكون غبارا يحجب ما تراه أعيننا.
حقا بعد تعيين عامل الإقليم، امحمد العطفاوي، ظهرت بعض التباشير الموحية بتغيير منشود، ترجمتها جولاته الميدانية وتواصله مع مختلف مكونات المجتمع الجديدي السياسية والجمعوية، وأيضا هطول أمطار مارس بأرصدة مالية كبرى لفتح أوراش إصلاحية مهمة تعيد بعض الاعتبار لمدينة تآكلت أركانها خاصة على مستوى إصلاح الطرق والحي البرتغالي والحدائق والنظافة والإنارة العمومية.
جميل جدا أن نرى ذلك وفي مدة وجيزة، لكن هل فعلا هذا ممكن وليس مستحيلا بالنظر لوضعية المجلس البلدي الذي يغط في سبات عميق، وغير قادر على حل مشاكل أدنى الخدمات كالنقل الحضري، والنظافة، وحلويات الصفقات والتواطؤ مع المقاولات والمستثمرين، وأيضا لغياب إرادة حقيقية في التغيير.
ولخوض النقاش نفتح اليوم ملف قطاع النقل كشهادة حية عن وضعية ميتة.
شبكة السكك الحديدية تربط الجديدة بالمدن الشمالية، من خلال وجود محطة للقطار ربما أصغر محطة بالمغرب وبشكل لا مقارنة بينها وبين باقي المحطات من حيت المشهد العام، والقطارات في وضعية جعلتها حديث العام والخاص في الآونة الأخيرة لكثرة الأعطاب والتوقفات.
محطة الحافلات الجوالة بين الجديدة ومختلف مدن المملكة والأسواق لم تعد صالحة بتاتا لموقعها وحجمها، وحين تقرر نقلها إلى مكان آخر وبمواصفات عالمية تم التلاعب وتغيير الموقع وتبادل العقار وتم بناء أخرى بجوار محطة القطار، عيب وعار أن نقول أنها محطة، ولحد اليوم لازالت الجديدة بدون محطة، أما محطات سيارات الأجرة الكبيرة فتلك طامة أخرى، ثلاثة (قاعات) بدون واجهات بكل من سيدي يحيى وسيدي بوافي وبجانب المحطة الطرقية، وكان الأمر يتعلق بسوق أسبوعي.
وضعية سيارات الأجرة الصغيرة أسالت الكثير من المداد ولم تتحرك السلطات قيد أنملة لزعزعة البنية، فلا وجود للعداد، ولا توحيد لأسعار التنقل ولا من يوقف بعض التجاوزات الماسة بأحقية المواطن في استعمال النقل.
أما عن الطوبيسات، فتلك أم المهازل، وأكبر الكوارث، حافلات مهترئة وخدمات متدنية وازدحمات تؤدي إلى المشاجرات والتحرش، وتوقفات، وأعطاب متواصلة وغياب خريطة تجوال منضبطة وميسرة للوصول والحضور في الوقت المحدد.
فهل بهذه الوضعية نحلم بإصلاح جذري عاجل لتأهيل المدينة وتقديم أفضل الخدمات أولا للذاكرة وثانيا للزوار المرتقبين؟ هل بهذه الصور الكاريكاتورية نقول أن الجديدة سائرة نحو تنمية مطلوبة شكلا ومضمونا؟ هل السلطة قادرة على إصلاح هذا الوضع البئيس الغارق في مستنقعات اللامبالاة والفساد؟
قد يبدو الأمر ممكنا ولكن والحقيقة تقال قد يبقى مستحيلا، وأتمنى أن تكذبني الأيام المقبلة، ولك الله يامدينتي المغبونة.