أثار قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بإنهاء مهام 16 مديرا إقليميا جدلا واسعا في الأوساط التعليمية، بل وتجاوز إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث تناقلته الآراء السياسية والاجتماعية، بعيدا عن الأهداف المعلنة للإصلاح، ليبقى السؤال الأهم: هل القرار مجرد خطوة إدارية لتطوير قطاع التعليم، أم أنه يحمل في طياته دلالات سياسية واضحة؟
من اللافت للنظر أن بعض المديرين الذين تم إعفاؤهم كانوا قد حققوا نتائج جيدة في التقييمات الوطنية، بل إن بعض المديريات التي ترأسوها كانت قد حصلت على مراكز متقدمة، مثل مديرية خريبكة التي تصدرت التقييمات في بعض المجالات.
وفي المقابل، لم يتم اتخاذ نفس القرار مع مدراء آخرين في نفس الوزارة، الأمر الذي أثار تساؤلات مشروعة عن معايير اتخاذ هذا القرار، ثم ماذا عن أولئك الذين استمروا في مواقعهم رغم ضعف أدائهم؟ وما الذي يميز أولئك الذين تم إنهاء مهامهم عن الآخرين؟
إن ما يثير الجدل هو أن بعض هؤلاء المديرين المنهية مهامهم يُعتقد أنهم ينتمون إلى أحزاب سياسية معينة، بينما البعض الآخر – الذين لم يشملهم الإعفاء – يُحتمل أن يكونوا مقربين من حزب رئيس الحكومة، وهو ما جعل البعض يتساءل: هل الإعفاءات تمت بناءً على تقييم موضوعي للأداء، أم أن هناك خلفية سياسية تؤثر على هذه القرارات؟
وتم تداول هذه الشكوك بشكل كبير في أوساط الشغيلة التربوية والتعليمية، بل واعتبر الكثيرون أن الإعفاءات قد تكون مدفوعة بالانتماء السياسي أكثر من كفاءة الأداء، وفي وقت حاسم كهذا، حيث تسعى فيه وزارة التعليم إلى إصلاحات حقيقية، لا يمكن التغاضي عن فكرة أن التدخلات السياسية قد تُضعف من عملية الإصلاح وتحرفها عن مسارها الصحيح.
إذا كان الهدف من هذه التغييرات هو فعلا تحسين أداء قطاع التعليم، فيجب أن تُتخذ بناءً على معايير واضحة وموضوعية بعيدا عن التوجهات الحزبية أو السياسية، فالتعليم ليس ساحة لتصفية الحسابات السياسية، بل هو قطاع حساس يجب أن يعامل بكل نزاهة وشفافية.
وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن التغيير لا يمكن أن ينجح ما لم يعتمد على تقييم واقعي ومرتكز على مصلحة التعليم والمجتمع بعيدا عن أي تدخلات سياسية قد تُقوّض من الإصلاحات التي يسعى الجميع إلى تحقيقها.
فهل هي مصادفة حقا أن تكون الإعفاءات قد طالت بعض المديرين الذين يُعتقد أنهم لا ينتمون إلى الحزب الحاكم؟ أم أن السياسة لعبت دورًا في هذه القرارات، لتصبح عملية الإصلاح مجرد واجهة لما هو أبعد من ذلك؟
ويبقى السؤال مفتوحا في ظل غياب الشفافية وتوضيح معايير التقييم المتبعة من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.