منذ الخرجة الشجاعة التي قام بها الشاب عبدالإله ابن مدينة مراكش، ولا حديث في المغرب إلا عن “الشناقة” الذين استغلوا احتياجات المواطنين وحاولوا خلق أسواق موازية وجني الأرباح على حساب القدرة الشرائيةللمواطنين، لكن مع التحولات الأخيرة التي عاشتها المملكة منذ الأسبوع الماضي، لمسنا تحولا جذريا في بعض القطاعات التي كانت مستفيدة من هذا الوضع، مثل قطاع الأسماك والأضاحي، وتساءل الكثيرون: “متى يأتي الدور على شناقة الغازوال والبنزين؟”.
لقد رأينا كيف أن “شناقة السردين” في موانئ المغرب، الذين كانوا يتحكمون في أسعار الأسماك، قد اختفوا فجأة من السوق بعد أن تم خفض أسعار السردين إلى خمسة دراهم، وهو ما أحدث ضجة واسعة. هذا التغيير لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة لقرار شجاع لابن مينة مراكش كشف الفساد والتلاعب بأسعار السلع الحيوية، واللافت أن هذا التدخل لم يقتصر على سوق الأسماك فقط، بل تكرر في قطاع آخر حساس للغاية ألا وهو قطاع الأضاحي.
ومع القرار الملكي مساء الأربعاء الماضي، والقاضي بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية لهذا العام، اختفى “شناقة الأضاحي”، وخرجوا إلى الأسواق حيث عرضوا أكباشهم وخرفانهم بنصف السعر الذي كانوا يبيعونها به في السابق، هذه التحركات العاجلة التي تستهدف التحكم في الأسعار وفضح الممارسات الاحتكارية تطرح سؤالًا جوهريا: لماذا لا يتم النظر إلى قطاع الغازوال والبنزين؟
لا يخفى على أحد أن أسعار المحروقات هي من بين أكثر الأشياء التي تؤثر بشكل مباشر في حياة المواطن المغربي، من زيادة تكاليف النقل إلى ارتفاع أسعار السلع الأخرى بسبب ارتفاع تكاليف الشحن، كما تعتبر المحروقات أحد عوامل التضخم في السوق الوطني، ورغم انخفاض أسعار النفط عالميا في بعض الفترات، إلا أن الأسعار المحلية لا تتناسب دائما مع هذه التغيرات. ولعل هذا يثير تساؤلات حول دور “شناقة الغازوال والبنزين” الذين يواصلون الاستفادة من ارتفاع الأسعار دون أن تكون هناك رقابة فعالة أو آليات لضبط السوق.
وهنا لابد أن يكون الدور الرقابي للدولة في هذا القطاع بنفس الحزم الذي شهدناه في قطاعات أخرى، خاصة أن تأثيرات ارتفاع أسعار المحروقات تصل إلى كل بيت وكل قطاع اقتصادي، كما أن السلوك الاحتكاري في هذا المجال يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية للأسر المغربية، ويزيد من معاناتها اليومية.
إن السؤال الذي يطرحه الجميع هو: متى سيأتي دور “شناقة الغازوال والبنزين” الذين يستغلون حاجة المواطن للوقود ويستفيدون من التفاوتات السعرية في هذا القطاع؟
إنه لمن المهم أن يظل المواطن في قلب سياسات الحكومة وأن تستمر الإجراءات التي تهدف إلى حماية حقوقه، وليس فقط في القطاعات المعروفة، بل في جميع المجالات التي تؤثر على حياته اليومية.
لننتظر إذن عبدالإله آخر في الغازوال (ويحن الله على المواطن المغربي…)