تتمتع مدينة آسفي بمؤهلات سياحية ضخمة تجعلها من بين الوجهات التي يطمح كثيرون لزيارتها، المدينة التي تمتد على ساحل بحري شاسع بطول 150 كيلومترا، تعد من أجمل الوجهات لمحبي الشواطئ برمالها الذهبية، وامتدادها الساحلي الذي يوفر منظرا طبيعيا فريدا.
ولكن، رغم هذه الثروات الطبيعية، لم تنل المدينة حظها الكافي من الاهتمام والترميم، بالإضافة إلى سواحلها، تتميز آسفي بكونها مدينة صناعية ومنجمية، حيث تعد مركزا لصيد الأسماك وصناعة تصبيرها، وهو ما يجعلها تشتهر بجودة سمك السردين الذي يحتل المرتبة الأولى في عمليات الصيد البحري، كما يحتوي ميناء المدينة على مرافق مهمة مرتبطة بالصيد البحري.
لكن ما يميز المدينة حقا هو معالمها الثقافية والتاريخية، مثل الأسوار البرتغالية، المدينة العتيقة، المسجد الأعظم، المدرسة العتيقة، ضريح أبي محمد صالح، دار السلطان، قصر البحر، والأبراج البرتغالية. هذه المعالم تشكل عنصرا أساسيا في هوية المدينة السياحية والثقافية، وقد تساهم في تعزيز مكانتها إذا تم الحفاظ عليها بالشكل المطلوب.
لكن، للأسف، فإن هذه المعالم تواجه إهمالًا واضحا وتدهورا مستمرا في غياب برامج صيانة حقيقية، وهو ما يتناقض مع التوجيهات الملكية المتعلقة بصون التراث الثقافي.
المشاكل لا تقتصر على المعالم الأثرية فقط، بل تشمل أيضا المساحات الخضراء التي تحيط ببعض هذه المعالم، فعوض أن تكون هذه المناطق مخصصة للتنزه والراحة، فإنها تتحول إلى مساحات مهملة تفتقر إلى العناية، ما يشوه صورة المدينة ويقلل من جاذبيتها السياحية ناهيك على الانتشار الصارخ للكلاب الضالة المتواجدة في كل الأرجاء والأمكنة والتي تهدد حياة وسلامة المواطنين دون أن نغفل ظاهرة المتسولين والحمقى، والذين يتم تصديرهم من المدن السياحية المجاورة نحو حاضرة المحيط الشيء الذي يجعل المدينة تفقد بريقها وجمالها الأخاذ.
بالنسبة للسياح الأجانب، الذين يزورون المدينة للاستمتاع بمعالمها التاريخية وثقافتها، فإن التجربة غالبا ما تكون مخيبة للآمال بسبب الإهمال الواضح، ومع ذلك، لا يزال ساحل المدينة يمثل عامل جذب رئيسي لهواة رياضة ركوب الأمواج، التي تعد من أبرز الهوايات التي تتميز بها آسفي.
رغم هذه الإمكانيات السياحية الكبيرة، تظل المدينة مهمشة في العديد من الجوانب التنموية، فبينما تقتصر الجهود على خطوات بسيطة لا تتناسب مع حجم الموروث الثقافي والسياحي الذي تملكه المدينة، يظل الأمل في تحسين الوضع قائما، ولكن من دون خطة واضحة وطموحة للتغيير.
إن إعادة تأهيل آسفي وتنشيط قطاعها السياحي يتطلب تدخلا سريعا من السلطات المحلية والجهوية، مع الاستفادة من المعطيات السياحية والثقافية الفريدة التي تمتلكها المدينة، من خلال التوجيهات الملكية، بات من الضروري أن تلتزم الجهات المعنية بتنفيذ برامج شاملة لحماية هذا التراث الثقافي، وأن تولي اهتماما أكبر لترميم المعالم التاريخية وتطوير البنية التحتية للمدينة.