احتفالا باليوم العالمي للغة العربية، نظمت مؤسسة عبد الحق القادري لقاء أدبيا مساء يوم الأربعاء المنصرم، بالقاعة الكبرى للمؤسسة حول ترجمة قصة الأديب المتميز الأستاذ الحبيب الدايم ربي “زريعة البلاد” إلى اللغة الفرنسية من قبل المبدعة حبيبة الزوغي، لقاء حضره ثلة من المثقفين والإعلاميين والفاعلين الجمعويين الذين أضفوا على الأمسية طابعا خاصا أاكدوا على أن الحياة الثقافية تتنفس الآن أكسجين الانتعاش بعد ركود غير مستساغ في إقليم يرسم فيه أبناؤه التألق والتفوق.

إلى جانب الحبيب الدايم ربي وحبيبة الزوغي، كان لحضور الناقد والباحث والمؤرخ المصطفى اجماهري لمسة فكرية أغنت النقاش وحولته من نبش في مضمون القصة وكتابتها السردية إلى ملامسة في مستوى الترجمة والأبعاد المثلى للتعافي مع ترجمة الإبداع الأدبي لأدباء دكالة والتحول من حضور محلي إلى آفاق العالمية.

الجميل في الأمسية هو الاحتفاء بلغة الضاد، بخطاب فرنسي، والأجمل هو أن يكتب الحبيب وتترجم حبيبة في مصادفة أضفت على اللقاء روح دعابة غير مسبوقة.

“زريعة البلاد” كما ورد في مداخلات الأساتذة الأجلاء هي حكاية (بلا حب حكاية تمزق القلب)، أسلوبها استفزازي ولغتها عنيفة، خاصة بتضمن بعض فقراتها للهجة العامية “الدارجة” والتي يستعصى معها الترجمة الحرفية التي يصعب أن تلامس عمق القارىء كما تلامسه، اللغة الأصلية، وإذا كانت القصة تجسد واقعا في حقبة زمنية محددة، وفي وسط قروي وبكل الواقعية لإبراز تناقض مجتمع شعبي وعفوي لحياة، ( السي سالم) الذي لم يسلم من السنة التي تجعل منه مرة بطلا ومرة مجرما، فاعتقد أن “زريعة البلاد” قد زرعت اليوم من خلال مجهود المبدعة أولى البذور في حقل ترجمة النصوص الأدبية والفكرية لأدباء دكالة التي تجعل أحداث النص توضح أكثر شخصية الجندي القادم من الحرب العالمية الثانية وما عاشه من متاعب.

رحم دكالة أنجب عددا لا يستهان به من أدباء وشعراء ومفكرين أغنوا الخزانة الثقافية المغربية بإبداعاتهم وإنتاجاتهم التي وصلت آفاقا عالمية، والدليل “زريعة البلاد” مثلا التي خضعت لدراسات وأبحاث في جامعات جزائرية وتونسية ومصرية وغيرها، وهو ما يلزم السير على نهج حبيبة الزوغي في ترجمة هذا الإنتاج الفكري العملاق.

شكرا أخيرا لثلاثي اللقاء على متعة الحوار، وللمنسقة التي أدارت بوصلة النقاش ولمؤسسة عبد الحق القادري التي أضحت حضنا دافئا لأهل الثقافة ولجمعياتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *