ذ.محمد گودو
دكتور في القانون العام والعلوم السياسية
منذ أن أنشئت “المنشآت”، و تأسست “المؤسسات”، أو بلغة أدق “المرافق العمومية” أو “المرافق الإدارية” أو “الإدارة العمومية”، عبر التاريخ، وفي كل الأمصار والأقطار، أوجد “المشرع الإداري” في كل زمان ومكان، “حطب” و “وقود” سير واشتغال هذه المؤسسات، مدبرين لهذه “المنشآت”…. وذهبت نية “المشرع” وفلسفته فيما يسمى “علم الإدارة” إلى تدبير أزمات وإكراهات ووضعيات، بالإضافة إلى وضع وبرمجة وتخطيط وتنفيذ مشروع أو مشاريع أوبرامج أو غيرها من المسميات، حسب طبيعة كل “مرفق” وخصوصياته والخدمات التي يقدمها…بناء على “انتقاء” “بروفايلات” خاصة، يتوفر فيها “وجوبا” حد مطلوب من “الكفاية” و”الدراية” للتدبير والمناورة بكل حنكة في تطويع “القوانين” و”المساطر” حتى، بما يخدم “المصلحة العامة” أو المرتفق.
ولكل مدبر “هوامش مناورة” بما يحمله من حمولة تربوية أو أخلاقية أو علمية أو “ايديدلوجة”… أو ـ وهذا الأهم ـ ما راكمه من خبرات وتجارب تجعله يتحكم في قواعد “الصنعة الإدارية” ويسيطر على “تعقد وتشابك” مفاصل و دواليب الإدارة و “المنعرجات” التي قد تجعله في “مفترق الطرق” على حين غرة.
أما المقاولات والشركات “الحرة” فيحكمها “أساسا” نظام “تسيير” تقني مسطري محض، وليس نظام تدبير، وإن كانت تمارس “التدبير” أو الإدارة في حل مشاكلها ووضعياتها وأزماتها، ولذلك، فليس غريبا أن تستبق “المقاولة الحرة” المرفق العمومي في اعتماد الذكاء الاصطناعي!
في زمن الذكاء الاصطناعي الذي “يبشر” به عالم التكنولوجيا المتطورة “المتوحش”، وفي ظل “انحدار القيم”، من المتوقع جدا أن يتم تعويض المدبرين بتدبير “الروبوتات”!
مستقبلا.
على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، لا حاجة لنا بالمدبر “الإنسان” أو الحامل لمشروع مفعم “بالقيم” ، لا مجال للأخلاق، في سوق “التسليع” والانحطاط.
تدبير “الروبوتات” قادم لا محالة.
سيختفي المدبرون”الحقيقيون”، سيصبح ماتبقى منهم على قيد الحياة مجرد “ديناصورات” عليهم ـ والحالة هذه ـ أن يتكيفوا ويتماهوا مع رياح التغيير، أو يحكموا على أنفسهم بالأفول والزوال!!!