
أحمد زاهيدي- الواليدية
بحيرة الواليدية واحدة من عدة بحيرات مغربية مصنفة ضمن المناطق الرطبة العالمية في إطار معاهدة “رامسار” للحفاظ على خصوصياتها الإيكولوجية ومن بينها حماية الطيور المهاجرة وعدة أنواع من النباتات الشاطئية المهددة بالانقراض.
وتتميز الواليدية ببحيرة ساحرة كانت في الماضي القريب وجهة مفضلة للعديد من العائلات الأوروبية الذين كانوا يقضون فيها عطلتهم الصيفية ويمارسون رياضة التزحلق على الماء وهي رياضة لم تعد تمارس بالطريقة القديمة ولم تعد تمارس في الواليدية، نظرا للاكتظاظ الذي باتت تعرفه البحيرة في ظل سوء التدبير الممارس من قبل نخب غير مؤهلة لتسيير وتدبير منتجع عالمي الذي يمكن مقارنته بمنتجع شرم الشيخ في مصر مثلا..
إن ما يحز في نفسي ويؤلمني وأنا أرى نماذج بشرية تلج الشاطئ محملة بـ”قصع” من الكسكس وأعداد من البطيخ الأحمر والأخضر بالإضافة إلى فواكه أخرى مثل التين الشوكي (الكرموس الهندي) والتين ووو حتى إذا امتلأت البطون وبات الأمر معقدا حينها تكون الوجهة غير معروفة فيتم اختيار أماكن غير بعيدة عن الشاطئ في غياب مراحيض وفي غياب ثقافة اصطيافية ….
في صغرنا كنا نلج الشاطئ مباشرة بعد تناول وجبة الفطور ولم نكن نحمل معنا لا ماء ولا زادا سوى كرة نمارس بها رياضة الكرة الطائرة وكنا نتشرف بمشاركة الفتيات في سننا آنذاك فيكون التعارف وقد يتوج عند البعض بالزواج..ولم نكن نأكل شيئا سوى مثلجات أو ما شابه ذلك ولا نتناول الغذاء إلا في منازلنا وقد يستمر مكوثنا في الشاطئ أحيانا حتى قبيل صلاة المغرب.
اليوم اختلط الحابل بالنابل لم تعد تلك الممارسات الجميلة على الشاطئ خاصة على الجزيرة الرملية التي كانت تشهد مباريات ساخنة جدا في كرة القدم، وكثيرا ما كانت تجرى ما بين فرق من مختلف المدن كمراكش وآسفي والبيضاء والجديدة….لم أنس كذلك أن أشير إلى عدة رياضات كانت تمارس على الشاطئ كرياضة الكرة الحديدية التي كان من ممارسيها الحاج محمد السايح رحمه الله والحاج إدريس الزمزامي رحمه الله وآخرون ..رحم الله الجميع .. رياضات أخرى كانت تعرف بها الوليدية تسمى بالفرنسية (tir au pigeon) وهي رياضة ظلت تمارس حتى زمن القائد لواء الدين بوشعيب بواسطة إطلاق الرصاص على أسطوانات طائرة وكانت تنظم بطولات وطنية ومحلية..أما رياضة التنس فكانت الرياضة المفضلة للقائد لواء الدين بوشعيب الذي عمر بالواليدية زهاء 18 سنة حتى أصبح واحدا من أفراد العائلة الواليدية وكان بينه وبين أهل الواليدية مودة ومحبة كبيرتين.
كل شيئ تغير حتى المقاهي الآن أصبحت عبارة عن منصات لمراقبة مفاتن الكاسيات العاريات بعدما كانت ملاذا للترفيه وفضاءات للمناقشة وتبادل الأفكار والأخبار ..الآن وفي ظل هذا الوضع المؤلم بات من الضروري اتخاذ قرارات جريئة ومنصفة حتى ترجع بحيرة الواليدية إلى عهدها السابق مع تحريرها من البنايات المحيطة بها .