
ومضة نيوز- حسن فاتح
إذا كان لكل زمان ومكان رويبضته، فالمجال الرياضي ليس بمعزل عن ذلك باعتباره المجال الوحيد الذي تهتم به وتتطفل فيه كل الأجناس والشرائح السوسيومهنية، تجد فيه المثقف والأمي والجاهل والمتسول والنصاب والكذاب والطماع والشاذ والزنديق… ، أو قد تجد مسؤولا يضم كوكتيلا من كل هذه الصفات، إلى درجة أن الجسم الرياضي بالمغرب قد تعفن وبرزت به تقرحات وتقيحات، ولعلاجه يفرض الأمر بتر أعضاء الجسم لا معالجتها.
إن المجال الرياضي أصبح مليئا الآن بالرويبضات، تسلطوا عليه في ثلاث مكونات حيوية ومصيرية بالجسم الرياضي، على اعتبار أنها تشكل العضلة الحيوية التي تتحكم في مسقبل أي فريق أو مشروع رياضي، وهي التسيير، الانخراط ثم الصحافة.
لا أشك في نفسي إذا جزمت بالقول، بأن جل الأندية المغربية لم يترأسها ولم يسيرها قط مكتب رياضي محض، أو كان أحد رؤساءهم من لاعبي الكرة، أو مارسوا اختصاصات رياضية أخرى، فكيف لرئيس لم يلعب الكرة، ولم يتبلل جبينه بعرق المحن، ولا اقتلعت أظافره بفرط ركل الكرة، ولا عانى في تداريبها، ولا جال في تنقلاتها، ولا نالت برودة الإسمنت من مقعده، ولا له علم حتى بتاريخ الفريق الذي يرأسه، بأن يحس ويشعر بأزمة الفريق أو اللاعبين أو المحبين أو الجماهير قبل أن تقع الواقعة.
لا يستطيع فكر أي مهتم بالشأن الرياضي قبول ما يجري في تسيير الفرق الرياضية بالمغرب، كيف لرئيس لا يجيد العوم أن يترأس ناد للسباحة، ولا مسير في ناد لسباق السيارات وهو لا يستطيع ركن سيارته جيدا، أو لشخص ليس بينه وبين كرة السلة إلا الخير والإحسان وهو يتسول بها، أو أن شخصا حلم يوما ما أنه يدير ناد لكرة المضرب فتسلط عليها كالقدر، أو مسيرا في كرة القدم ابتز نساء في أرزاقهن وأعراضهن، أو كيف لرئيس أن يقبل على نفسه أن يكبر على حساب الفرق الصغرى في الكرة الطائرة، أو مسؤولا قويا في اتصالاته ويترأس ظلما ألعاب القوى.
ما عساكم أن تنتظروا من طبيب أو من صيدلاني أو من موثق أو من تاجر أو من رجل قانون وهم ليسوا برياضيين أن يعطوا في الرياضة، كل مسؤول أو موظف أو مهني له مجاله الخاص الذي يستطيع أن يطور من مردوديته والاجتهاد فيه، فتاجر الفحم سيد في ميدانه كما يقال، والحلاق “معلم” في ميدانه، والمجوهراتي ملك في ميدانه، لكن رغم عقلياتهم التجارية يمكن القبول بهم إذا كان للرئيس أو لنائبه أو لكاتبه العام أو للمستشار حتى، تاريخ وخبرة في الرياضة، وتكوينات بدبلوم في التسيير الرياضي، فهناك أمثلة كثيرة حققت نجاحات مهمة في نواديها بالمغرب، لكن لم يكونوا أبدا من جنس الرويبضات.
جل الفرق الرياضية بالمغرب تتحكم فيها الآن الرويبضات، وخاصة بمدينة الجديدة، هذه المدينة الفاضلة لم تنجبهم من رحمها، فهم لقطاء ودخلاء وأبناء غير شرعيين لها، ما داموا يعيشون ويأكلون من لحمها وليس من لحم أكتافهم، تبدأ قصصهم دائما، إما من عاطل أو سمسار أو حياح أو مراقب حافلة، ثم يصير منخرطا فمسيرا ثم كاتبا عاما ليرتقي الى نائب للرئيس، فيصبح يوما ما رئيسا منتخبا بفضل رويبضات المنخرطين، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال في حديث صحيح : “سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة”، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”.
هؤلاء المسؤولين الرويبضات تنطبق عليهم آيات وخصال المنافق التي حدثنا عنها رسول الله، “إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر” ، لأنهم حدثونا في بداية عهدهم عن تحقيق العز والمجد فكذبوا، وعدونا بالبطولات والكؤوس فأخلفوا، ائتمناهم على الفريق فخانوا الأمانة، هدروا المال أغنوا واغتنوا، خاصموا جماهيرنا فتجبروا وظلموا، عاهدوا القدماء والشرفاء بالقسم فغدروا.
كيف لفريق عريق كالدفاع الحسني الجديدي، أن يكون في هذا الوضع المتدني من التسيير، وهو الذي لم يكن يقبل على نفسه مسيرين من قبل، إلا إذا كانوا شخصيات مؤثرة أو من الأعيان أو من الكوادر العليا في الدولة، حتى صار به الحال يقبل في مكتبه بالرويبضة؟ اللهم إن هذا لمنكر…